سهول تادلة -المغرب-
15 شتنبر 2011
أخي الغالي،.. إبن فلسطين،
تحية طيبة..
وصل الكاتب،إلى الجنان اليوم على غير عادته قبل أن يأتي المساء..وسيدته الحياة،تلبس لباسا بألوان الجنان مزركشا..ترميها شمس الأصيل بآخر آشعة أيام الصيف ،.. ترقبه بعجب،..جالسة القرفصاء على وسادة،خلف موطن الدجاج والأرانب،
الكاتب يرفع من وثيرة البحث عن سيدته..هل هي في المكان،
وقفت في مكانها،تشير عليه بوجودها،..تختصر عليه طريق البحث..
-’’أنا هنا أيهاا الكاتب،’’-فاستعجلته بالسؤال- ’’ماذا في الأمر وصلت هنا اليوم قبل الوقت،..؟ وأين هي أدوات الكتابة،..؟..
أراك بدونها،أين القلم،والدواة والممحاة والمنشفة،ومبرد القصب. .والمحفظة.خير إن شاء الله..’’
ألا تكون قد ضاعت منك بسبب الإهمال،والنسيان..أ م ياترى تكون قد سرقت منك..
وهل شعب المدينة بخير..
ماذا في الأمر..؟..لم نتعود لقاءنا إلا بعد أن يلقي المساء بنفسه في حضن الليل،..
وأحيانا تتركني أنتظرك إلى الفجر..هل جرى شيئا،..؟؟’’
رد الكاتب على سيدته الحياة، بهدوء، يطمئنها أن أدوات الكتابة في الأمان والسلام..،فقط إستعجلته رسالة مستعجلة توصل بها على بغتة،لم يدر هل سقطت عليه من السماء،أم رمت بها الأرض من جوفها وطلب من الكاتب أن يستعجل تبليغ الرسالة إلى سيدته الحياة وفي الحال..وأنه سوف لن يحتاج لأدوات الكتابة،فالليلة ليلة القراءة..،
ومن أين وصلت هذه الرسالة بالسلامة.. وعلى عجالة.؟؟’’
-’’من الخريف سيدتي الحياة..’’
-’’ممن؟..
من الخريف؟..
شيء عظيم جدا،..مرحبا بكتاب سلطان الفصول..
شيء جميل أن يكاتبنا الخريف، قبل وصوله بهذه الديبلوماسية المستعجلة اللبقة،..
كم أسرني كثيرا هذا الخبر.. إذن وإن في الأمر إن،..
فالخريف منذ زمان وهو يراسلنا بمناسبة قدومه.. ورحيله..
ويعرف أن الحياة تسجل تاريخ وصوله كما عودها،وترسم مواقعه على الخريطة..
تفضل أيها الكاتب إجلس قبالتي،..
خذ وسادتي،
سأكتفي أنا بهذا المسند..
تقضل خذ راحتك،إجلس.. فمركب الجنان هادي،
راسي بين المراكب..
تفضل قل بإسم الله وإفتح كتاب الخريف،عجلني بقراءته،..
تبسمل الكاتب كما طلبت منه سيدته الحياة،
فتح غلاف الكتاب بهدوء كبير،..وإذا به يمسكه بين كفيه وكأنه يحمل رضيعا قادما إلى الدنيا في شهره السابع..
وكأنه يحافظ على الكلمات من السقوط من على الورق ،..
-’’مابك أيها الكاتب تفتح الكتاب هكذا ببطئ شديد..’’تسأله سيدته الحياة
-’’لا شيء سيدتي،إطمئني، فقط وكأني أخال شكلا جديدا للكتابة،..لم أر بمثلها،
لا هي بحجرية ولا خشبية، ولا مسمارية ولا كنعانية ولا عربية ولا عبرية..ولا.. ولا أية كتابة..أم ياتراني قل نظري،..
فتح الكاتب الكتاب أخيرا ..
أمعن فيه النظر من جديد يحملق.. ثم رفع وجهه في سيدته الحياة يؤكد لها أن كتاب الخريف هذا العام مكتوبا بحروف أخرى غير حروف اللغات التي نعرفها والتي لا نعرفها..وتابع يخاطبها،
تفضلي سيدتي الحياة،الكتاب بين يديك.. فكاتبك مع هذه الكتابة لم يعد يعرف القراءة والكتابة.. تفضلي سيدتي تفضلي وخذي الكتاب بلطف أكثر،كي لا تضيع منه الكتابة ،ولا تسقط الكتابة .. ولا تطير الكتابة ..
تسلمت الحياة سيدة الكاتب الكتاب كما طلب منها الكاتب بلطف أكثر.. ورسمت على وجهها إبتسامة مليحة..توقف الراوي على إثرها ،عن إكمال الأسطورة أربعة عشر قرنا،.. تسأل :
-’’ألم تفك رموز هذه الحروف.. فإنني أراها واضحة.. سهلة،..نعم حروفا جديدة.. ولكنها مفهومة،
فرد الكاتب وكأنه يريد أن يتحقق من الأمر ثالثة.. فأضافت الحياة،
-’’لست أكذبك أيها الكاتب،..فعلا كتاب الخريف مكتوب بحروف غير الحروف التي ذكرتها.. وقس عليها لكنك ملزم بالقياس بالمقاس اللائق ..خلت الحروف تتحرك أيها الكاتب..و إنها لفعلا تتحرك ..
كتاب الخريف هذا العام حروفه تدب في جروفه الحياة ،
ويجري في عروقها دم
ولا يستقر لها بال على ما يجري في الزمان والمكان..ولا يطمئن لها حال من أحوال،أحوال الكل،أحوالنا وأحوالهم،..
ولها كبد يحافظ على توازن مستهلكاتنا من الأكل والأحاسيس.. وإلا لماذا نقول لحكامنا لقد أحرقتم أكبادنا،أمام أعيننا،..
حروف كتاب الخريف هذا العام،تفضل أيها الكاتب،إلق نظرة بسيطة فمرة تخالها في الماء ومرة في الفضاء..ومرة في عيون طفلة لا تفهم ما يقع حولها،ولا ما جرى خلفها،ولا لماذا هي موجودة أصلا.. ولا تفهم أن أبوها وأمها تحت ركام البيت مضروبين بالرصاص والمدافع
مضروبين بالفقر والتمييز العنصري والطائفي والعرقي.. …والباراكوماتي والنتانيوهاتي،والساركوزاتي،
مضروبين بالليل في النهار وفي الليل،..
بماذا أنتفع الإنسان من كل هذه الكتابات وأشكال رسم إشارات التبليغ…؟
بأي كتابة سنخرج من المأزق إذا كان الإسرائيلي لا يفهم إلا الكتابة الإسرائيلية ولا يريد أن يفهم العربية ولا كلمة ولو تضرب الساكسوفون في قاع الجمل..،ولو طارت معزة ،
هذا الإسرائيلي لا يفهم السلام إلا بالإسرائيلية ولا يتقبل السلام لا بالكتابة الفلسطينية ولا العربية ولا حتى الأممية المنظمة لمنظمة الكون لو كانت في الدنيا موجودة يقول لك الإسرائيلي أنا لا أفهم سوى السلام بالإسرائيلية.. بالعربية وحتى باليهودية وهكذا دواليك فإذا كنت تريد أن تشرب الشاي في المناطق الكاطالونية إذا لم تطلبه للنادل بالكاطالونية سيأتونك بمشروب آخر..لأن الكاطالونيون هم الآخرون مثل بني إسرائيل لا يفهمون إلا اللغة الكاطالونية..فسبتة ومليلية كاطالونيتين ولو كان موقعهما في المريخ..فحتى باراك أوباما عندما وجه رسالة إلى المسلمين،ومن عقر ديار الإسلام وجهها لهم بالمريكانية، بمعنى :مسلمين الله أكبر ولكن إقطعوا الحس،
وإقطعوا رؤوس بعضكم بعضا،
أنتم ممنوعون من الماء ،
وأنتم من الكهرباء،
وأنتم من الحرية،
وأنتم من عبور الحدود،
وأنتم ممنوعون الغاز الطبيعي
وممنوعون العاز البدني..
ممنوعون من كل شيء ..
كولوا الهواء وتنفسوا التراب
-’’آسف سيدتي الحياة..وأسفاه..فالحياة تفهم كل اللغات..وتحب الحياة للكتابة..وكل شيء فيها بسيط..’’
-’’لا تأسفن أيها الكاتب،.. يقول لك الخريف في ختام الرسالة..لماذا تأسفن،..؟
كن جميلا ترى الوجود جميلا،
كن بسيطا تراه بسيطا،،
يقول لك الخريف في ختام الرسالة .ولا تفرطن في أدوات الكتابة..
تفضل أيها الكاتب خذ كتاب الخريف بلطف أكثر،فالخريف حسب العلماء..والله أعلم، نصفه خريف ونصفه الآخر ربيع في الكون..
فجميعا من أجل كتابة جديدة ..
تحياتي أخي الغالي إبن فلسطين..إلى كل العائلة
إلى زهرة المدائن،
إلى أولى القبلتين وثاني الحر مين،
إلى قرة أعين كل المآذن